الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية رحيل رئيس الحكومة أو بقاؤه: محللون يعلّقون: المشكل في البرامج وليس في الأشخاص.. والحكم لـيـس بيـد الصـيــد

نشر في  17 فيفري 2016  (09:15)

مباشرة اثر تعرض رئيس الحكومة الحبيب الصيد مؤخرا إلى وعكة صحية ألزمته الراحة لمدة أيام ـ والحمد للّه أنها مرت على خير ـ، انطلق الحديث عن إمكانية إحداث تحوير وزاري يمس رئاسة الحكومة خاصة وانّ الوضع الحالي الذي تمر به البلاد والوضع القادم الذي قد نشهده إبان الهجوم العسكر الأجنبي المنتظر في ليبيا، يتطلبان المزيد من بذل الجهد والعمل من اجل المرور بسلام من هذه الغيمة..
 ورغم أنّ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كان قد أكّد تمسكه بالحبيب الصيد نافيا وجود أي نية لديه لتغييره أو تعويضه، إلاّ أنّ الحديث عن إمكانية حدوث تحوير لرئاسة الحكومة مازال مستمرا ومتواصلا بل انه وصل إلى حدّ ترشيح شخصيات سياسية لتبوّؤ هذا المنصب مستقبلا..
حول هذا الموضوع كان لأخبار الجمهورية اتصال بجملة من المحللين السياسيين لبسط تحليلهم وموقفهم فكان التالي...

عليّة عميرة الصغير: ليس المهم تغيير زيد أو عمرو

اعتبر المحلل السياسي وأستاذ التاريخ المعاصر عليّة عميرة الصغير، أن المسألة ليست مقتصرة على تغيير الأشخاص والتسميات، بقدر ما هي استجابة للوضع الراهن الذي تعيشه البلاد عبر اتخاذ الإجراءات الفعلية لمعالجة عدة مسائل تهم الشأن العام.
وفي سياق متصّل ساند عميرة الصغير موقف بن حميدة في انّه ورغم المردود السياسي المتوسط وغير المقنع للحبيب الصيد، إلاّ أن تغيير وزير أول بآخر في هذا التوقيت بالذات لا يستجيب فعلا لما يتطلبه الوضع الحالي في البلاد إذا لم تكن هنالك سياسات جديدة تدفع نحو الأفضل وتستجيب لانتظارات التونسيين.
وتابع محدثنا بالقول إنّه حتى وان جاءت حكومة جديدة تتّبع نفس النهج والاختيارات التي تسير بها الحكومة الحالية، فان هذا لن يؤدي إلى أي تغيير فعلي للوضع الذي نعيشه ولن يعطي بذلك أي أمل لا للمستثمرين ولا لطالبي الشغل.
واعتبر أنّ تونس اليوم تحتاج إلى حكومة وطنية فعلية لها من الجرأة ما يكفي لتناول كل الملفات العالقة، من بينها ملفات الإرهاب وداعميه وملف الجمعيات الممولة للجماعات الإرهابية في البلاد ناهيك عن الملفات القضائية، وذلك حتى تعود الثقة للتونسيين وتمنحهم الأمل في مستقبل أفضل وأحسن.
كما شدّد الصغير على ضرورة إعادة النظر في العلاقات الدولية خاصة مع الدول التي تدخلت بصورة فجّة ضد مصالحنا وفق تعبيره، إلى جانب تعزيز العلاقات مع الجارة الجزائر..
وفي نهاية مداخلته خلص أستاذ التاريخ المعاصر إلى القول إن تغيير زيد أو عمرو ليس بشيء هام خاصة وأننا نعلم أن رئيس الحكومة ليس له استقلالية القرار وزد على ذلك ما حصل داخل الحزب الأول الحاكم «نداء تونس»، ساهم في أن تصبح حركة النهضة الحزب المسيطر الأول والمهيمن على المشهد السياسي وفق تعبيره.

صلاح الدين الجورشي: لا يمكن اتخاذ هذا القرار في هذا الوقت الحالي

بدوره قال المحلل السياسي والإعلامي صلاح الدين الجورشي، انّه لا يمكن اتخاذ قرار تغيير الحكومة بمجرد تعرّض رئيسها إلى وعكة صحية يمكن أن يتعرّض لها أي وزير أو حتى رئيس الدولة لا قدر الله.
وبناء على ذلك فإنّ قرارا بمثل هذا الحجم يجب أن تكون له مبررات مقنعة، حيث أن المشكل لا يتحمله فقط رئيس الحكومة. وإنما يجب وضع هذا القرار في إطار أوسع يراعى به وجود الحكومة الائتلافية التي لا يمكن لأي قرار أن يمرّ أو يحدث دون أن يتحصّل على موافقة وفاقية عليه، كما حصل عند تعيين الحبيب الصيد الذي حظي برضاء كل الأطراف الحاكمة وفق ماهو مبيّن.
واعتبر الجورشي أنّ قرار تغيير الحبيب الصيد لا يمكن أن يتخذّه رئيس الجمهورية بمفرده، وإنما عبر مجموعة شروط ضبطها الدستور، وبالتالي فانّ هذا القرار يبقى مرتبطا بمناخ عام خاصة أن رئيس الدولة أثبت عديد المرات تمسّكه بالحبيب الصيد.
أما في ما يتعلّق بالبديل إن حصل هذا التغيير، فقال الجورشي انّه يمكن ذكر أسماء عديدة لكنها في حاجة إلى توافق عام لا يشوبه أي تحفظّ من قبل بعض الأطراف. وفي سياق متصّل قال الجورشي ان تغيير الصيد ـ إن تمّ ـ سوف يؤدي إلى مزيد تعقيد الوضع ذلك أنّ رئيس الحكومة القادم يجب أن يدرك بأنه ليس مطلق اليدين بل هو محكوم بعدة اعتبارات كضريبة للديموقراطية والحكومات الائتلافية.
واستبعد الجورشي في نهاية حديثه، القيام بتحوير وزاري من هذا الحجم خلال الفترة القليلة القادمة..

سفيان بن حميدة: «شدّ مشومك لا يجيك ماشوم منّو»

 أكد المحلل السياسي والإعلامي سفيان بن حميدة انه لا يمكن لأي تغيير أو تحوير وزاري أن يتم دون اللجوء إلى صيغ قانونية مضمّنة في الدستور الجديد حول هذه المسألة.
وقال بن حميدة انه من بين الصيغ القانونية المذكورة إمّا أن يقدم الحبيب الصيد استقالته ، أو أن تقع مساءلة الحكومة أمام مجلس نواب الشعب، مشيرا إلى أنّ هاتين الفرضيتين مستبعدتان في الوقت الحالي وذلك لأن الصيد يحظى برضاء أغلب الأحزاب الموجودة في البرلمان من بينها الائتلاف الحاكم بالطبع.
من جهة أخرى اعتبر بن حميدة، أنه ورغم الأداء المتوسط لعمل الحكومة فإنّ هذا لا يمكن أن يدفع على الإطلاق إلى المطالبة بإسقاط الحكومة، أو إضفاء تغيير جديد صلبها لا سيما وأنه اليوم لا يرى في أي شخصية أو قوة سياسية القدرة الاستثنائية لتقديم الحلول أو البرامج الجديدة أو البديلة.
وبناء على ذلك، قال محدثنا انه نظرا للوضعية الصعبة التي تمر بها البلاد اليوم من أوضاع اقتصادية واجتماعية حرجة ناهيك عن الخطر المحدق بنا من الجانب الليبي، فمن المستحسن الإبقاء على هذه الحكومة بتشكيلتها الحالية وذلك حتّى نوفر على البلاد فترة التذبذب التي تلازم مشاورات التحوير صلبها والتي يمكن أن تدوم إلى 4 أشهر.
وتابع سفيان بن حميدة قوله معلّلا: 8 أو 10 أسابيع مهمة جدا بالنسبة للبلاد اليوم وكما يقول المثل الشعبي «شدّ مشومك لا يجيك ما أشوم».. لذلك فمن الأفضل الإبقاء على مساندة هذه الحكومة مساندة نقدية بناءة».

مهدي عبد الجواد: المشكل لا يكمن في الأشخاص...

أما الناشط السياسي مهدي عبد الجواد، فشدّد من ناحيته على أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد شخص برهن على روح وطنية عالية وحماس كبير لخدمة تونس رغم الظرف الصعب الذي تمر به.
واعتبر في ذات السياق أن المشكل لا يكمن في الأشخاص بل في عدم وضوح نظام الحكم في تونس، قائلا إن السلطة أصبحت غامضة ولا ندري من بات يملكها..
وأشار مهدي عبد الجواد إلى وجود تداخل بين السلطات وتوزيعها، مردّه فقدان الدستور الجديد لأي جوهر حقيقي بل الأدهى من هذا هو غياب مشروع وطني تلتف حوله جميع الأطراف السياسية، وزد على ذلك ضعف الدولة وأجهزتها في فرض القانون وضرب عصابات ولوبيات الفساد التي أصبحت تتحكم بالبلاد.
في المقابل تابع عبد الجواد قوله قائلا، إنّ المهم ليس تغيير الحبيب الصيد بل تحقيق التوجّهات والإصلاحات الكبرى والواضحة لإنقاذ البلاد.

اعداد: منارة تليجاني